د. نهلة إمام: اتفاقية اليونسكو وضعت لإفشاء السلام بين الدول
تسجيل التراث الثقافي ليس بالأولية أو الأحقية!

تقرير: مريم خالد

انتشر على مدار التاريخ الحديث، وخاصة في الفترات الأخيرة العديد من محاولات نسب أجزاء من الفلكلور أو الموروثات المجتمعية المصرية لغير المصريين، لذلك تسعى مصر لحماية موروثاتها الثقافية، التي تندرج تحت مصطلح ” التراث غير المادي”، وهو مصطلح سلطت اليونسكو الضوء عليه وسعت لحمايته، من خلال اتفاقية تعمل على حماية التقاليد الشفهية والممارسات الاجتماعية والطقوس والمناسبات الاحتفالية والمعرفة والممارسات المتعلقة بفنون الأداء والدراية الفنية الحرفية والمعرفة ذات الصلة بالطبيعة والكون، منذ عام 2003 لحماية الموروثات الثقافية لكل شعب، وحمايته من السرقات أو محاولة نسبه لغير بلده.
ويُعرف التراث الثقافي غير المادي أو اللامادي، بالممارسات والمعارف التي يرثها كل فرد عن مجتمعه وبلده، ويتمثل هذا التراث في العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية والفلكلور الشعبي، وكذلك المخزون الفني واللغوي.
العناصر المصرية المُسجلة
وقد استطاعت مصر تسجيل أول عناصرها ضمن التراث الثقافي غير المادي عام 2008 وهي السيرة الهلالية، ومن ثَم، تم تسجل التحطيب، الأراجوز، النخل، النسيج اليدوي في صعيد مصر، فنون الخط العربي، الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة، وأخيرًا الفنون والمهارات المرتبطة بالنقش على المعادن، وتسعى مصر خلال الفترة المقبلة إلى تسجيل آلة السمسمية، وبعض الأكلات المصرية.
ويبلغ عمر الاتفاقية 20 عام حيث تم عقدها عام 2003، ولكن مصر وقعت على الاتفاقية عام 2005 وبعدها تم تسجيل السيرة الهلالية كأول العناصر المصرية، ومن ثم نشطنا مرة أخرى في التسجيل عام 2016.
حماية التراث غير المادي
ووفق منظمة اليونيسكو، فلا يثير التراث الثقافي غير المادي أسئلة حول ما إذا كانت بعض الممارسات تخص ثقافة معينة أم لا، فهو يساهم في التماسك الاجتماعي، ويشجع الشعور بالهوية والمسؤولية مما يساعد الأفراد على الشعور بأنهم جزء من مجتمع واحد أو مجتمعات مختلفة ويشعرون بأنهم جزء من المجتمع ككل.
وصرحت نهلة إمام، مستشار وزير الثقافة لشئون التراث غير المادي، أنه لا يوجد أي قانون ينص على اتخاذ مصر لإجراءات قانونية ضد أي دولة تسجل إحدى عناصرها، لأن طبيعي التراث إنساني مشترك وبالتالي قد يتواجد نفس العنصر في أكثر من دولة، بالعكس تم وضع هذه الاتفاقية لإفشاء السلام والاحترام المتبادل بين الدول.
وتابعت إمام أنه من الممكن أن يكون لدينا عنصر، ولكنه موجود لدى دول أخرى بأسماء أخرى أو بنفس الاسم حتى، فالاتفاقية تهتم بصون التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وبالتالي فهي ليست موضوعه حتى يتحارب الشعوب على التراث.
بالأولية أم بالأحقية
وأشارت مستشارة وزيرة الثقافة للتراث الثقافي غير المادي كذلك، إلى أن البعض يعتقد أن تسجيل التراث بالأولية أو بالأحقية، وهذا غير صحيح لأنه ليس سباق، فمن الممكن أن تمتلك دولة آلة موسيقية وفي نفس الوقت تتواجد في دول أخرى قد أعرفها أو لا، وبالتالي فهو حقها لأنه أيضًا تراثها، وفي هذه الحالة إما أن تشترك الدولتين معًا، أو أن تسجل باسم دولة منفردة وذلك بعض عرض الدولتين على منظمة اليونيسكو.
شروط اليونسكو للتسجل
تضع اليونيسكو استمارة محددة ومعايير لتسجيل أي عنصر ضمن اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، ويلزم على كل دولة مشترِكة ملئ الاستمارة والالتزام بالمعايير، وتتمثل في وصف العناصر وكيفية صونه، بالإضافة إلى إجراءات الصون التي تتبعها الدولة، ومدى توافقه ذلك مع التنمية المستدامة بجانب مجموعة من المعايير التي يجب أن تستوفيها كل دولة، وفي النهاية يتم عرضها على لجنة تقييم.
أهمية التراث غير المادي
وعلى الرغم من هشاشة التراث الثقافي غير المادي، إلا أنه يشكل عاملًا هامًا في الحفاظ على التنوع الثقافي في مواجهة العولمة المتزايدة. إن فهم التراث الثقافي غير المادي لمختلف المجتمعات يساعد في الحوار بين الثقافات، ويشجع الاحترام المتبادل لطرق الحياة الأخرى.
ولا تكمن أهمية التراث الثقافي غير المادي في المظهر الثقافي نفسه، بل في ثروة المعرفة والمهارات التي تنتقل من خلاله من جيل إلى جيل. إن القيمة الاجتماعية والاقتصادية لنقل المعرفة هذا ذات صلة بمجموعات الأقليات والفئات الاجتماعية السائدة داخل الدولة، كما أنها مهمة بالنسبة للدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء.