الطفل المصري يُحب مَن يحترم ذكاءه
وتبسيط المعلومات التاريخية لا تناسب

حوار: أميرة بدوي، مريم خالد، روناء علاء لدين

“لفيت لف ماشي وبضرب كف بكف، لحد ما توهت وعقلي أنا خف… أنا مين؟ أنا فين؟!” بهذه التساؤلات التي جاءت بصوت طفل من تتر مسلسل الرسوم المتحركة “يحيي وكنوز”، اختصر مؤلف العمل فكرة المسلسل، وكأنه استطاع الوصول إلى عقل الطفل المصري، بل والإجابة على تساؤلاته، وتفهمه لحالة التشتت التي يمر بيها، التي حدثت منذ انفتاح الثقافات، وذلك بتركيز المسلسل بمواسمه الثلاث على تنشئة جيل على وعي بالهوية المصرية، بدون أي تشويش، لذلك أجرى فريق عمل مجلة “إيوان” حوارًا مع محمد عدلي، مؤلف مسلسل “يحيي وكنوز”، لمعرفة كل ما تدور حوله رسالة المسلسل، وإلى نص الحوار..

يُعد مسلسل “يحيى وكنوز” أول مسلسل كرتون موثق بمصر والوطن العربي.. من أين جاءت الفكرة؟
كان هناك اتجاه لتقديم عمل فني تاريخي ضخم موجه للأطفال، وجاءت الفكرة على محض الصدفة، بتقديم طفل شغوف بالحضارة المصرية يشبه الكثير من أطفالنا، يتنقل بين العصور، وعلى مدار رحلته يأتي بالرد على مزاعم تزييف وسرقة الهوية، ومن بين أفكار كثيرة أعجب المنتج الفني إسلام عبد الحكيم بتلك الفكرة، وعلى الفور بدأنا العمل.


كيف استطعت تبسيط هذا الكم من المعلومات التاريخية لتصل الطفل المصري؟
فكرة التبسيط لم تعد ملائمة للطفل المصري المعاصر، بل بالعكس حرصنا على التعامل معه بذكاء وبشكل موثق، فالمسلسل يعلم الطفل معنى كلمة 7 آلاف سنة حضارة، وإن لم تحترم عقلية الطفل المعاصر، ستخسره لا محالة، خاصة في ظل البدائل الكثيرة المتاحة أمامه والتي كونت لديه خبرات، فنجد أن الطفل في العاشرة من عمره حاليًا غير طفل في نفس العمر بالتسعينيات مثلًا، فليس من الممكن تلقين الطفل حاليًا المعلومات بشكل مباشر.
هل لاسم يحيى مدلول له علاقة بالحضارة المصرية؟
اسم “يحيى” هو اسم من الفعل “يحيا”، وعندما ربطته ب “كنوز”، أصبح المدلول أكثر وضوحًا، فمصر دولة ليست بالعادية، وكنوز الحضارة المصرية ستظل حية رغم أنف مَن ينسب التاريخ المصري لأرض غير مصرية.
كيف وازنت بين أن “يحيي وكنوز” مسلسل كرتون موجه للطفل، وبين أنه عمل تاريخي؛ لتعزيز الهوية المصرية؟
هذا التوازن ما قمت بالعمل عليه طيلة الثلاث مواسم، فنجد أن حلقات المسلسل تضمن الرد بشكل قوي، وبدلائل موثقة تعتمد على مؤرخين ومدققين في كل العصور، وعلى جانب آخر كان دوري أن أقدم هذه الوجبة الدسمة في إطار درامي مشوق يخدم الحبكة الدرامية.
بخلاف “بكار” و “سنوحي”، لم يلمع عمل رسوم متحركة على الساحة قائم على تنشئة الهوية المصرية لدى الطفل، وبالتالي لجأ الأطفال إلى الأعمال الأجنبية.. برأيك ما السبب؟
الأعمال الأجنبية وخاصة الموجهة للطفل “تعرف من أين تؤكل الكتف”؛ بمعنى أنها تملك فن التعامل مع الطفل بلغته التي تجذبه، وبالتالي توجيه رسائل مبطنة له تخل بمبادئه وهويته، على سبيل المثال، زرعوا في عقل الطفل أن كلما تحدث بلغتهم وارتدي ملابسهم أكثر كلما كان أكثر تحضرًا، وهذا ما استهدفناه في “يحيي وكنوز”، فالمسلسل أحدث طفرة في “الأنيميشن” بمصر شكلًا ومضمونًا، ولعل أهم أسباب النجاح هو احترام عقل الطفل، “فالطفل المصري ذكي، ويحب مَن يحترم ذكاءه.
باتباع نظرية “دس السم في العسل”. نشهد الآن حملات لطمس الهوية المصرية عامة، ولدى الطفل خاصة.. كيف نحصن وعى الطفل من مثل هذا التزييف؟
“عادات وتقاليد مصر القديمة التي تضرب بأعراقها منذ عصر ما قبل الأسرات لا تزال حتى الآن تورث جيل بعد جيل، رغم أنها تتم محاربتها بشتى الطرق والإمكانات” هذه الجملة من موسوعة “مصر القديمة الجزء الرابع عشر” لدكتور “سليم حسن”، نستطيع القول إنها اختصرت كل تلك المحاولات الواهية، ولكن يجب أن نكون الاختيار الأقوى للطفل في ظل البدائل الكثيرة المتاحة، فبذلك نزرع في عقلهم الباطن ما معنى كلمة “هوية”، ولماذا ندافع عنها.
The prince of Egypt”, “moon knight”, “The mummy”” وغيرهم من الأعمال الأجنبية التي استخدمت الحضارة المصرية القديمة كوسيلة لجذب الطفل، كيف لنا أن نواجه هذا الإنتاج؟
تلك الأعمال ليست إلا دليل واضح على فقر الحضارات الأخرى أمام الحضارة مصرية، ومع ذلك لا نستطع إنكار أن لديهم إمكانات أكبر وإنتاج ضخم، ولكننا نتميز بمواهب بشرية لديها القدرة على أن تكون الخيار الأول أمام الطفل المصري، وتشكيل وعيه الثقافي، فمصر دولة لديها قدرة على التأثير غير طبيعية، ففي عصور كثيرة كان هناك أجانب يعيشون في مصر يحبونها فيتمصرون.